https://salmaalmufti.com/wp-admin/post.php?post=364&action=edit يجب قراءة القصة الأولى
تبدأ هدى العجولة كثيراً والمتحمسة على الدوام حوارها معي من غرفة الانتظار. لا تستطيع الصبر حتى نصل لغرفتي، فروحها الشفافة ومشاعرها المتّقدة تشعل ماراثونها الحديثي باستمرار ودون مقدمات فتقول: ”لدي أشياء هامة أخبرك بها اليوم قبل سفري، وأيضاً ..“ تخفض قليلاً من رأسها ومن نبرة صوتها وسرعته وتكمل ”.. رسالة أخيرة أريد
.”أن أقرأها لك
تربّعت كعادتها على الكنبة بسعادة وحماس وتحدثت بأسلوبها الساخر
تعلمين يا سلمى أن أبي موظف حكومي غير منتج! هو بالكاد يذهب إلى عمله. أشعر أحياناً أن دخله الشهري حرامٌ لعدم انتظامه في وظيفته، تخيلي حتى في عمله كانت جدتي تتوسل إليه أن يعود من الدوام باكرًا كي يرتاح! أشمئز جداً من حواراتهما معاً. لو استمعتِ لهما ولحواراتهما ستصابين بحالة من الغثيان والحموضة، ففي منتصف حديث جدتي وبأعلى صوت تنشر الشتائم على أمي “الظالمة المفترية” أمامنا، لأن أبي نام سبع ساعات بدلاً عن ثمان! أنا وإخوتي نحاول التعايش مع هذا الكم من الغباء والاستبداد بالسخرية، فنسميه {يوسف} بحضور جدتي، مع فارق التشبيه طبعاً “فيوسف عليه
.”السلام أوتي شُطر الجمال، وأوتي أبي الاستفزاز كله
تزم هدى فمها بطريقة مُضحكة وتضع يدها على خصرها وتكمل ”على الأقل هذا
..الأربعيني طموح وذكي، يجعلني أنظر إليه بفخر”.. سيرة والدها كانت دائماً المُتَربعة على جلسات حوارنا، لكن هناك الآن منافس يزاحمه
“المجلس، وكلمة “تخيلي!
تُزاحِمني أنا شخصياً، فهي أكثر كلمة تستخدمها هدى، “أسمعها منها خمسة عشر مرة أو أكثر في الجلسة الواحدة دون مبالغة”! وأظل أنا في تخيلات من أول الجلسة
. حتى نهايتها “متى حيكون واقع يا هدى” أقولها مازحة
تُكمل هدى ماراثونها غير آبهة بتعليقي وتقول: ”تخيلي! كنّا في اجتماع هام لتدقيق أسعار الشركة وبالخطأ أمسك الأربعيني بيدي بدلاً من الورقة .. فرحلت أنا إلى عالم آخر من الفرح والتوتر والخوف الغريبين .. وطبعاً متأكدة من ظهور كل علامات بل نوبات الهلع علي! فاعتذر هو مني وقال بصوت خافت أعدك بتكرار الحركة!تخيلي!! قال لي ذلك؟!!! أمزح معك سلمى.. هكذا تخيلت وتمنيت.في الحقيقة لم يقل شيئاً، بل كان لَبقاً جداً وأعتذر فقط. فليكن ما يكن، معه أشعر بقدرتي على فعل أي شيء.. أي شيء.. دعمه الدائم.. وعبارات مديحه تحيطني وتحولني لشخص جميل وساحر.. يردد علي دوماً “أنت
“.ذكية، رائعة، فخورين بك، يجب أن تقدمي على بعثة
هو يلمس مُميزاتي التي لم أرها يوماً في ذاتي . لم يسبقه أحد لرؤيتي كما يراني، ولم يمتدحني شخصٌ في العمل ومحيطي كما يفعل معي. بات يطلبني لحضور كافة
الإجتماعات المهمة وتدوين محاضرها، وأحياناً يطلبني أن أنوب عنه
.للعمل مع العملاء
سلمى .. أنا أحب شخصيته جداً. أحب ذلك المزيج من الجدّية التي يتعامل بها مع الجميع ثم ذلك الحنان الذي هو فوق الوصف“. تنهدت هدى وهي تبتسم لمكان في ذاكرتها وأكملت ”عندما مرض ابنه منذ فترة تغيب عن العمل ليكون بجانبه تخيلي! أعطاني كل مهامه للأسبوع كي أكملها عنه، ليتسنى له الاهتمام بابنه، وطبعاً فعلت واهتممت بكل شيء بحب وسعادة.“ نظرت هدى في عَيْني باهتمام وكأنها تريد معرفة الحقيقة منهما دونما لساني الذي لن يرضى أن يؤذيها وسألت ”هل يوجد رجل بهذا القدر من الحنان على أبنائه؟“ لم تنتظر إجابتي وأكملت ”لاحظت أغلب زميلاتي سلوكه المختلف معي، وعلق بعضهن بسلبية، فنورة مثلاً تقول لي بلهجتها النجدية “بيستغلك يا
.الهبلة“ لكن لا يهمني رأيهن
تُطور هدى ذاتها من كل النواحي، مُؤمنة أن لَولا الأربعيني لم تكن لترى ما بها من قدرات. فقدمت على المنحة والجامعة، وانتظمت على زيارة العيادة والذهاب لمعهد اللغة. تقول ”لم يشجعني أحد أن أخطو خطوة جدية سواه. هو أول من شجعني على دورات اللغة الإنجليزية لتتحسن فرص قبولي بالجامعة. أبي رجل لم يكمل المتوسطة وأمي
سيدة بسيطة ترى المرأة وعاء للإنجاب وأكبر طموحها ابتكار طبخة مميزة تُغري بها كرشة
أبي ليحترمها هو و جدتي
تجهيزات السفر إحساس غريب جداً على هدى التي لم تركب طائرة من قبل! هو ممتع ومُرهق، لكنه دافع لإثبات ذاتها أمام الأربعيني الذي شعرت تجاهه تلك اللحظة بألف شعور ما عرفت لها وسيلة للتعبير إلا رسائل لم ترسل أبداً، أخرجت من حقيبتها ظرفاً قائلة ”هذه آخر رسالة “ كان صوتها يرتجف ويضعف وعيناها تمتلىء بقطرات الماء استعدادًا لفصل غائم، ثم بدأت القراءة: “تستطيع أن ترحل! لأن كل الأشياء الجميلة ليست لي.. فلا أعلم كيفية الاحتفاظ أو الاستمتاع بها.. فالأحلام التي هي من حق الجميع أصبحت لا أتخيلها.. فأتعايش مع الفقد قبل حدوثه، كي لا آلف الفرح.. فيُسرق مني. فكل كلمات المديح مِنك لغة غريبة لا أفهمها! حتى ذلك أستكثره على نفسي ولا أصدقه..“ صمتت طويلاً هي التي لا تحب السكوت، ثم أخذت تودعني وهنا نزلت أول
.دمعاتها
أخبرتها أنني سأكون دائماً بالقرب منها، وأنها آخر جلساتنا إلا أنها ليست آخر لقاءاتنا فمئات الأميال لن تستطيع منعها من مراسلتي، لكن هدى بكت وسكبت جدول لم يتوقف من الدموع، وكأن حزن الدنيا انهمر منها مرة واحدة. لم تكفي كل محاولاتي الجاهدة لتخفيف ألم وداعها، لكن أنا أعلم جيداً أن بُكاءها لم يكن لي من الأساس، لطالما اعتبرت غُرفتي صندوق لمشاعرها وأحلامها الجميلة ذلك الصندوق المليء
.بالمغامرات والذكريات والحب وحبات الصدف الصغيرة
لقد كنتُ دوماً حلقة وصلها بذلك الأربعيني والجزء الذي تحبه في حياتها، فكانت جلساتنا المكان الذي يحويها ويحميها لتدخل صندوقها الجميل دون خوف. فكرتُ في حال هدى ذلك اليوم كثيراً. هل كانت ستندم مستقبلاً إن ارتبطت بذلك الأربعيني؟ هل كان الصواب لها أن تؤثر الصمت على الحديث وتخبئ مشاعرها؟ هل كانت مشاعرها تجاهه انجذاب لإكمال نقص علاقتها بوالدها، أم انسجام حقيقي بين شخصيتين؟ بعضنا يحب نهايات القصص المفتوحة مثلي، التي تجعلك المُخرج والكاتب فيها، وتجعلنا مُتحكمين أكثر في تسلسل الأحداث.. تلك النهايات ننقذ فيها الضعيف وننصر المظلوم ونرجع الحق لأهله ونكون صوت من لا صوت له.. والنهاية التي تخترعها وتختارها أنتْ، ستكون
. أفضل بكثير من نهايات الحياة البائسة
تم تغيير هوية الشخص لتتناسب مع سرية العميل و أخذ الإذن المسبق منه*
SHARE THIS
محد يقدر يقول لهدى ايش تحس او كيف تحس … او هل احساسها صح ولا غلط… لها الحرية في كل ذلك..
قد اكون من الاشخصا الي يحبوا يطلقوا مشاعرهم واحاسيسهم عشان احيانا الاحاسيس المكبوته تكون هم وثقل اكثر من راحة…
حتى لو كان دا الاحساس مخيف او مؤلم… لو الشخص الثاني يعنيلي وبذل مجهود معي مثل الاربعيني الي مع هدى… اظن ممكن اتكلم واكون ممتنه ولكن ما ابني آمال لانه الآمال والعيش في الخيال هو المؤلم اكثر من الاصطدام بالواقع…
هدى حبي نفسك قد يكون الاربعيني خلاك تشوفي نفسك بعدسات او منظور آخر خالي من التحطيم او السلبيه… ولكن ذكاءك وفطنتك وحبك للتعلم ومسؤوليتك في ادارة الامور موجوده فيك اصلا… ولكن طلعت مع احتكاك بالاربعيني… نعم شعور جميل انه يكون في شخص يؤمن فينا ويشوفنا غير عن كل احد… ولكن مو معناته ان يكون هذا الشخص صالح لنا كزوج او شريك…
كل ما تحتاجيه موجود داخلك…
إن أحببت فأحب في صمت، مع كل الألم لكن تأكد بأنك على الأقل سترى ستسمع ستقترب إلى المعقول بمن أحببت، إن صارحت قد تخسر والكثير، هناك حب قد تكون نهايته سعيدة في وقتنا لا أتوقع وجوده فالتحديات لصدق الحب كبيرة جدا، وقد تحب وتكتشف لاحقا أنها ليست حقيقة، حب لحاجة أو تعويض نقص وهذه مشكلة ستستمر في معايشتها لأنك صرحت، فأخف الألم الحب في صمت وضمان لبقاء من تحب في صورته الجميلة، فالاقتراب قد يريك أشياء لا تتمنى رؤيتها في من تحب..
…للأسف جزء كبير من كلامك صحيح
Additional comment, it is not important how happy or how sad the end is, as long as we are fully concious and aware of out choices…
Human nature and the deep rooted feelings are complicated… we just need to differentiate in such cases between what is reality and what is our mind conceptualizing out of the reality, in other words, the mind tricks that our emotions do so we can receive the reality as less painful as it is…