Blog

Home /  الحلطمة

November 28, 2018

 الحلطمة

وبأن ما يجمعنا من علاقة هو شعور الحلطمة والندب المستمر على الحظ والصدفة والقدر! مؤمن جداً بأنّ حظه سيء أو معيون أو مسحور! قال لي حتى وإن كان موضوع السحر أو الحسد يشكل لك يا أستاذة سلمى بعض الظنون؛ لكن لا أرى غيره كظاهرة لتفسير حالتي
! محمد يعرفني جيداً فقد أخبرته عن رأي مسبقا، لا أنكر الرأي الديني في موضوع العين والسحر لكن الثقافة الاستهلاكية وفقرة الشماعة للدين فاقت الوصف. انا لاأفصح عن رأي الشخصي إلا إذا وجه لي سؤال مباشر مع العلم أني أتحفظ في أغلب الإجابات حتى لا يساء
فهمي؛ لكنها بعض الأحيان لحظة تنوير لكلانا لتحمل مسؤولية أكثر عمّا يدور حولنا.  للأسف أغلب الأشخاص يتناسون الأسباب الأساسية المؤدية إلى مشكلتهم الحقيقية سواء
كانت رسوب، طلاق أو مرض.. وعدم تحملهم مسؤولية الخطأ يجعلها أقل تأنيباً لضمائرهم. العين أو السحر باتا شماعة كل المشاكل والأخطاء والأمراض التي تصيبهم. العين والسحر براءة مما نحن فاعلوه بهما.. خذ من ذاكرتك قليلاً واسترجع كم من مَرض شُخص وأُرجع السبب إلى “الحسد” أو ضرب رجل لزوجته وألقو باللوم على العين رغم معاناتها من ذلك منذ ليلتها الأولى من زواجها. انطلق يحكي عن سوء حظه وأن كل حظوظ الدنيا السيئة تجمعت لتلتف حتى عتبة بابه ودخلت عليه لتحتضن تفاصيله الصغيرة كاملة. قال لي سميها ماشئت، ابتلاء، قدر، حظ سيّء. لكن هذا لا يصدق! أن تصدم سيارتي الجديدة و تكلفة إصلاحها لا تقل عن عشرة آلاف ريال، وزوجتي تطلب الطلاق في غضون أشهر من زواجنا تدعي بأنها لم تحببني يوماً وحاولت جاهدة ثم فشلت، والدتي شُخصَت بالسرطان قبل ثلاث أعوام من الآن وشفيت! ثم عاد إليها بكل شراسة.
محمد: فعلاً.. ما تسمي هذا
ومما زاد الطين بلّة أن قهوة عيادتك دائماً ممتازة أما اليوم فإني اتجرع مرارتها لأن زينب نسيت إضافة السكر
– حدّثت ذاتي سرا ” كِملت” –
أظن المشكلة مني، اللعنة تعيش داخلي أنا بالتأكيد، أي مكان أذهب إليه أو اجتمع فيه بالناس  ألوثه

 سلمى: نقدر نسميها لعنة الفراعنة؟ بابتسامة محاولة مني لتخفيف الموقف
استمر..كأن انغماسه في الفكرة وأسلوب الطرافة هو نوع من تغير مسار حلطمته.. وبحثه عن أسباب حظه السيء يجعله منهمك لا يرى غيرها، لديه قناعة بعد كل هذا الطرح السلبي ستنفجر من داخله حلول جوهرية إيجابية تغير مجرى حياته
محمد: تخيلي يا سلمى ذهبت ذات يوم إلى حفلة عمل ومن ضمن الفعاليات سحب على جوائز لكل العاملين في الشركة! كل الأشخاص الذين اشتركوا في المسابقة وأنا من ضمنهم وضعنا أسماءنا على ورقة، ثم تدخل الورقة في السحب! كل من وضع اسمه سوف يحصل على جائزة لا مجال للخطأ هنا
! سلمى: صحيح.. لا مجال للخطأ
محمد: وضع كل زملائي أسماءهم على الورق، ثم ادخلناها داخل صندوق زجاجي وبدأ السحب.. الأسماء الأولى تأخذ جوائز قيمة ثم الأقل فالأقل، تخيلي!! انتهى السحب إلى أن وصلوا لقطعة شوكولاتة ولم يظهر اسمي بعد! ثم ألقيت نظرة على الصندوق الزجاجي وأرى أن كل الأسماء انتهت. من دهشتني سألت باحثا عن اسمي أين ذهب؟! وإذْ بي أرى أن ورقة اسمي سقطت خارج الصندوق!!
في تلك الجلسة، لم أتمالك نفسي من الضحك! فعلاً “الحظ معَتّر” كما تقول جدتي،
قصة مُحَمَّدٍ هي جزء من الصورة وليست الصورة الأساسية. محمد لا يرى الصورة الكبيرة أصلاً ! لم يرى حتى البرواز! هو ضائع وتائه في التفاصيل الصغيرة حتى نسي من أين وكيف بدأت مشكلته
ما يفعله اُسلوب لنمط تفكير سلبي يسمى “مصفاة ”  وهو تركيز الشخص على الموقف السلبي فقط وعدم رؤيته أو تذكره لأي شيء إيجابي حدث في نفس الموقف أو في حياته. أوضحت دراسة علمية أن الأشخاص الذين يعانون من قلق يرون الأحداث متصلة و ممتالية في السياق الزمني و هي في الحقيقة متباعدة بشكل كبير
. عند الأخصائي النفسي أو حتى مع الآخرين لا نتحدث عن حدث جميل في حياتنا وهذا أمر مفهوم طبعاً و أنا اشترك معك في تلك الخصلة الجميلة الذميمة .. إذا فلا مانع من التحدث عن كل ما هو سيء ونتحلطم. ورغم ذلك علينا إلا نجعلها منهجية حياة حتى نصبح  لا نرى إلا بتلك بالنظارة السوداء! فنرى الحياة باهتة مشوشة

تم تغيير هوية الشخص وأحداث القصة لتتناسب مع سرية العميل وأخذ الإذن المسبق منه*

SHARE THIS

5 Comments

  1. Ahad
    November 29, 2018 at 5:46 pm · Reply

    Written precisely and touches our daily lives !
    I love it and proud of you

  2. ثروت
    November 30, 2018 at 4:03 am · Reply

    لا أدري إن أخطأنا وجعلنا “الحلطمة” هواية فاعتنينا بها حتى نمت وطغت وغطت المعالم الجميلة للوحة كما تقولين. أم أننا فعلا كالمغناطيس بحسب قانون الجذب نشد إلينا كل الحظ المتعثر شئنا ام أبينا! أهو السر ولكنه يعمل بطريقة معاكسة في حياتنا ؟! لا اعتقد اننا نتمنى الدوران في دوامة السلبية في كل تفاصيل حياتنا ! ولكن يحدث فعلا ان نتغاضى عن حدث سيء معين ولا نلبث الا ونتعثر بما هو أشد ! كأحجار الدومينو او الجرائم المتسلسة تخطف منا آمال واحلام وتوقعات نسعى جاهدين لعيشها بسعادة وقناعة وسلام ولكن !!!…
    مبدعة كعادتك أستاذة سلمى بطريقة الطرح ولفت النظر الى لب الموضوع طوعا ومتعة وشوقا الى المزيد من المقالات. اشكرك على مشاركتنا بخبرتك الفريدة واسلوبك المميز.

    • salma
      December 2, 2018 at 2:03 pm · Reply

      شكراً ثروت على كلامك الجميل

  3. Lulu
    May 16, 2019 at 12:20 am · Reply

    تذكرت حضوري لمناسبة اجتماعية لعائلة احدى الصديقات
    هن مجموعة اخوات وبرغم تدينهن الشديد إلا أني تفاجأت بوجود صندوق يجمعون فيه أثر الحاضرين وأنا مصدومة بشكل كبير!!! اذا كانوا فعلاً يعتقدون بالعين فلماذا يقيمون مناسبة كبيرة هكذا ويعزمون كل الحاسدين؟! لا أفهم ولا أتخيل حتى الطقوس التي ستمارس بآثار القهوة والطعام سيغتسلون بها كيف ههههه العقل نعمة حقاً

    • salma
      May 16, 2019 at 8:30 pm · Reply

      غريب جداً فعلاً! أعتقد بعض الأشخاص تصرفاتهم تنبع من معتقدات عجيبة..بس ضحكني لمن قلتي يعزموا كل الحاسدين فيها ،

Leave a reply

Your email address will not be published.

We’d love to help

If you are unable to pay your sessions due financial reasons!

let us know!

I cant afford

Find Me

ACT Center
233, Mohamed Bin Abdulaziz St. Al Andalous District.
Jeddah, Saudi Arabia
P.O.Box. 140905,

We Are on Social